ربيع
الآخر الشهر الرابع من شهور السنة وفق التقويم الهجري. سُمِّي هذا الشهر
بهذا الاسم نحو عام 412م في عهد كلاب بن مُرّة الجد الخامس للرسول ³. وقد
جاء في تسمية هذا الشهر والشهر الذي يسبقه بالربيعين روايات كثيرة، من ذلك
أن العرب كانوا يشرعون في استثمار كل ما استولوا عليه من أسلاب في صفر،
والعرب تقول ¸ربيع رابع•؛ أي مُخْصِب. وقيل بل سمي كذلك لارتباع الناس
والدواب في هذا الشهر والشهر السابق له؛ لأن هذين الشهرين كانا يحلان في
فصل الخريف الذي تسميه العرب ربيعًا، وتسمي الربيع صيفًا، والصيف قيظًا.
والربيع
عند العرب ربيعان: ربيع الشهور وربيع الأزمنة؛ فربيع الشهور: شهرا ربيع
الأول وربيع الآخر. أما ربيع الأزمنة فربيعان: الربيع الأول؛ وهو الفصل
الذي تأتي فيه الكمأة (الفقع) والنَّور، ويسميه العرب ربيع الكلأ، والثاني
الفصل الذي تُدْرَك فيه الثمار، ومنهم من يسميه الربيع الثاني ومنهم من
يقول بل هو الربيع الأول كسابقه. وكان أبو الغوث يقول: العرب تجعل السنة
ستة أزمنة: شهران منها الربيع الأول، وشهران صيف، وشهران قيظ، وشهران
الربيع الثاني، وشهران خريف، وشهران شتاء.
وسمي شهرا ربيع الأول والآخر
بذلك لأنهما حلا وقت تسميتهما في زمن الربيع فلزمتهما التسمية. والعرب
تذكر الشهور كلها مجردة إلا شهري ربيع وشهر رمضان. فيقولون: أقبل شعبان
وأقبل شهر رمضان. قال تعالى ﴿ شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن ﴾ البقرة:
185. وفي الشهرين اللذين يليا صفر يقولون شهري ربيع. قال الشاعر:
به أبَلَتْ شَهْري رَبيع ٍ كِليهما فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها
وقال
أحد الخبيرين بصفة أزمنة السنة وفصولها: إنَّ السنة أربعة أزمنة: الربيع
الأول، وهو عند العامة الخريف، ثم الشتاء، ثم الصيف وهو الربيع الآخر، ثم
القيظ. وكان شهرا ربيع الأول والآخر ثابتين مع الفصول؛ فكان الربيع الأول
ـ الذي هو الخريف عند الفرس ـ يدخل لثلاثة أيام من أيلول (سبتمبر)، ويدخل
الشتاء لثلاثة أيام من كانون الأول (ديسمبر)، ويدخل الصيف؛ الذي هو الربيع
عند الفرس لخمسة أيام تخلو من آذار (مارس)، ويدخل القيظ؛ الذي هو صيف عند
الفرس، لأربعة أيام تخلو من حزيران (يونيو). وكانوا يطلقون على أول مطر
يقع بالأرض في الخريف (الربيع)، ويقولون إذ ذاك: بعثنا الرُّوّاد وانتجعنا
مساقط الغيث. وإنما سمي فصل الخريف خريفًا لأن الثمار تُخْتَرفَ فيه؛ أي
تُجْتنى.
أسماؤه. كانت العرب تطلق على الشهور الحالية أسماء غير التي
تُعرف بها الآن؛ وقد أطلقوا عليها ثلاث سلاسل من الأسماء قبل أن تستقر على
الأسماء المعروفة بها حاليًا، وذلك في مطلع القرن الخامس الميلادي؛ من ذلك
أنهم سموا المحرم (مُؤْتَمِر)، وصفر (ناجر)، وربيع الأول (خَوّان)، أما
ربيع الآخر فقد أطلقوا عليه اسم (بُصَان)، يقول الشاعر:
بمؤْتَمر وناجرٍ ابتدأنا وبالخَوّان يتبعه البُصان
وبُصان
تعني البريق، وسمي كذلك لبريق السلاح فيه، إذ إنه شهر من شهور الإغارة على
القبائل، وبعض اللغويين قال: إنما اسمه الصحيح وَبْصان وسُمي بذلك لوبيص
السلاح فيه، أي بريقه ولمعانه. ومن القبائل من أطلق عليه اسم صُوان،
والصُّوان ما تصون به الشيء، لأنهم كانوا يصونون ويذودون عن أعراضهم
وأموالهم في هذا الشهر، والدليل على أنه كان يُطلق عليه هذا الاسم قول
الشاعر:
فمُؤتَمِر يأتي ومن بعد ناجِر وخَوّان مع صٍُوان يجمع في شَرَك
أما
في التقويم الذي كان يُستخدم عند ثمود، قوم صالح، فكان شهر ربيع الآخر
يُسمى مُلْزم. وقد كان لثمود سلسلتها الخاصة من الشهور في التقويم،
فللشهور عندهم أسماء أُخر وكانوا يبتدئون بها من شهر (دَيْمَر) الموافق
لشهر رمضان. وقد نظمها أحد الشعراء في قوله:
شهور ثمودٍ مُوجِبٌ ثم مُوجِر ومورد يتلو مُلْزِمًا ثم مُصْدِِرُ
وَهَوْبَرُ يأتي ثم يدخل هَوْبَل ومَوْهاء قد يقفوهما ثم دَيْمَر
ودابر يمضي ثم يُقبل حَيفَلٌ ومُسْبِل حتى تم فيهن أشهر
أهم
أحداث هذا الشهر أن صلاة العصر زيدت فيه ركعتان، في السنة الأولى للهجرة.
وفي ربيع الآخر من العام التاسع الهجري، أي سنة البراءة كما كان يُسميها
المسلمون قبل اعتماد التقويم الهجري، كانت غزوة طيء وفيه عام 16هـ تم
فَتْح القدس. واحترقت الكعبة عام 73هـ لما رماها الحجاج بن يوسف بالمنجنيق
وهو محاصر لابن الزبير
*****************************